الدولة محور اهتمامنا

0
1594

المحرر الاعلامي …

تشكل قضية السجين السياسي تاريخيا محور العلاقة بالدولة وعلى مستويين الأول هو المعارضة التي كان يشكلها السجين السياسي ضد نظام الحكم الذي كان يسخر كل امكانات الدولة وثرواتها باتجاه مصالحه ورغباته بل حتى نزواته وهو ما كان يثير سخط واستياء الفئات الواعية والمثقفة من أبناء الشعب فكانت تعبر عن معارضتها لسياسات النظام وترفع مطالبات و شعارات التغيير السياسي وكانت دائما تنتهي احتكاكات المعارضة بالسلطة الدكتاتورية الى التغييب في السجون أو المنافي أو أحكام الاعدام الجزافية وبلا أي شرعية قانونية .
وأما المستوى الثاني فهو الاهتمام الأولي والجاد بموضوع الدولة باعتبارها أولوية مركزية في الفكر والعمل السياسي وعلى هذا الصعيد كانت تصورات وآيدلوجيات المعارض السياسي تشكل الضد النوعي لتصورات وآيدلوجيا البعث ونظامه الدكتاتوري وهنا يكون محور الصراع السياسي محورا فكريا وثقافيا وهو ما يدع النظام الدكتاتوري يستشعر خطورة الفكر السياسي المعارض والحذر من تفنيد مقولات وأفكار نظام الحزب الواحد الذي لا يسمح لأي فكر أن يتصدى أو يبرز في الحفل الفكري والثقافي في الدولة والخشية على مستقبل نظام هذا الحزب في حالة ظهور أفكار وآيدلوجيات أخرى تفسح المجال أمام التعددية الفكرية وضرورة التمكين الديمقراطي في البلاد التي تصطدم وطبيعة آيدولوجيا الحزب الواحد وأسلوبه الدكتاتوري في الحكم.
ومن هنا تكون طريقة التغييب في السجون وفرض أحكام جائرة وغير مقننة وفق دستور دائم أخطر الاجراءات التي يلجأ اليها أو لجأ اليها نظام الدكتاتور فالسجن كان يشكل أحد أخطر آليات القمع للفكر والثقافة ومجابهة الوعي الوطني والجماهيري بمطرقة الحاكم الجائر مسلم الجبوري في ما عرف زيفا بمحكمة الثورة .
وقد خصصت بعض المواد اللا قانونية في هذه المحكمة سيئة الصيت تتناول حالات اقتناء الكتاب وتحكم بالسجن ولمدد متفاوتة على أشخاص اقتنوا كتبا تعد معادية أو معارضة لفكر ونظام البعث اضافة الى أساليب مصادرة هذه الكتب في حالة العثور عليها في جولات التفتيش والبحث عن الممنوعات السياسية التي كانت تلجأ اليها وتمارسها قوى الأمن الصدامي والتي تعد انتهاك صارخ للحريات الشخصية وانتهاك أسوا للخصوصية الفردية واعتداء غير مبرر قانونيا على حقوق الملكية الشخصية .
وغالبا ما كانت هذه الكتب وأفكارها السياسية والثقافية تؤسس لتصورات انسانية وقانونية حول مفهوم الدولة ونظام الحكم فيها بصورة مباشرة أو غير مباشرة من خلال تأسيسات الوعي السياسي والثقافي الذي تشتغل عليه هذه الكتب المحظورة والمؤشر عليها بعلامة استفهام حمراء في جداول وأرشيفات المكتبات العامة في عهد النظام الدكتاتوري منذ سبعينات القرن العشرين وحتى سقوط هذا النظام بعد أكثر من أربعة عقود من الحظر والمنع لكل وعي وكلمة حرة ، دفع ثمنها السجين السياسي من أجل بناء الدولة وتاسيس نظام حكم رشيد في العراق وهي محور اهتمامنا وأولويتنا المفترضة في ظل التحولات التي شهدها العراق بعد سقوط النظام في 9/ 4 / 2003 م.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here