د.حسين السلطاني …
الحلقة الخامسة …
في هذه الحلقة – وعدد من الحلقات اللاحقة – نتطرق الى الخلل البنيوي الذي عاشته العملية السياسية الراهنة في العراق ، والممارسات الخاطئة التي رافقت مسيرتها منذ التأسيس ولحد الآن ، فالنظام السياسي الديمقراطي ، كما يعلم الكثير ، يرتكز على عدة مبادئ ، من أهمها :
١- إنّ الشعب هو مصدر السلطة
٢- وجود الدستور
٣- الفصل بين السلطات
٤- التداول السلمي للسلطة عبر صناديق الإقتراع
٥- حرية المواطنين في التعبير والانتخاب و….
٦- حرية الإعلام
٧- التعددية الحزبية
٨- وجود منظمات المجتمع المدني .
إن تحقيق هذه المبادئ وتفعيلها عمليا بمجموعها بشكل صحيح هو الذي ينتج في الواقع نظاما سياسيا ديمقراطيا ، فهل تم مراعاة ذلك في بناء النظام السياسي الراهن في العراق ؟
الحقيقة لم يتم مراعاة ذلك بشكل دقيق لجميع هذه المبادئ ، وبالتالي تم بناء عملية سياسية مشوهة منذ البداية ، ولَم تتمكن القوى السياسية التي تعاقبت على السلطة من إصلاح هذا الخلل البنيوي طيلة هذه الفترة ، وبالتالي بقيت العملية السياسية تعيش في دوامة من الأزمات وفِي تراجع مستمر الى أن وصلت الى ماهي عليه من أزمة خانقة .
ومن هنا إذا ما أراد أيّ مجتمع أن يتخذ من الديمقراطية نظاما سياسيا لإدارة شؤون حياته الإجتماعية عليه أن يوفر البيئة المناسبة لتطبيقها أولا وإعتماد جميع إجراءاتها عمليا بحزمة واحدة وانسجام تام ثانيا ، وهذا ما لم تتمكن القوى السياسية في العراق من تجسيده عمليا ، بل مارست نقيض ذلك تماما ، إما جهلا منها بطبيعة هذا النظام أو عدم إيمانها بممارسة آلياته العملية ، وهذا ما يتضح في التفصيل الأتي :
١- لم تنبثق العملية السياسية عن إرادة الشعب العراقي الواعية بطبيعة النظام السياسي الديمقراطي والمؤمنة بآليات تداولة السلمية ، كما أن الأحزاب والشخصيات التي ساهمت – طوعا أو كرها – بتأسيس هذا النظام هي الاخرى كانت تعيش هذه المشكلة بدرجات غير قليلة ، ثم إن بعضها ، على أقل تقدير لم يكن ممثلا حقيقيا لإرادة الشعب العراقي ، إنما دخل العملية السياسية نتيجة لسياسة الإدارة الأمريكية التي لم تكن جادة في بناء نظام ديمقراطي على أسس صحيحة في العراق بقدر ما كانت تريد أن تبني نظاما سياسيا يتوافق مع أهدافها وينسجم مع مشروعها في السيطرة على المنطقة بشكل عام والعراق بشكل خاص ، حيث جمعت الأطراف المتناقضة تماما في بناء هذه العملية السياسية ، وبقيت هذه الأطراف متناحرة طيلة هذه الفترة تخرج من أزمة وتدخل بأخرى فأنتج هذا الأداء نظاما سياسيا مشوها يقوده شركاء متشاكسون لايلتقون أغلبهم على شئ ، الأمر الذي يستدعي من الشعب العراقي أن يعيد النظر في منطلقاته تجاه بناء العملية السياسية وممارسة مسؤولياته بدقة تجاه هذا النظام على أكثر من صعيد ، خصوصا على صعيد الإنتخابات التي يفترض ان تنبثق عنها طبقة سياسية تؤمن بالنظام الديمقراطي وتعتمد ألياته بدقة وأمانة
٢- يعتبر الدستور أحد المرتكزات الأساسية لنجاح النظام السياسي الديمقراطي ، فكلما كان بناءه رصيناً ، وحدد مسؤوليات السلطات بدقة ووضع المعالجات لمواضع التعارض والاختلاف وحدد مراجع الاحتكام في المنازعات كلما ساهم بنجاح النظام السياسي الديمقراطي .
٣- مبدأ الفصل بين السلطات .
هذا ما سنتحدث عنه في الحلقة القادمة إنشاءالله .