الحدث اليوسفي..أحمد وفراس..ذاكرة الزمن المر

0
562

حكمت البخاتي …
طفلان ألقيا على قارعة الطريق على قارعة المجهول لم يدركا مآلات الوقوف على أعتاب المجهول ،
هكذا قذفا بلا ارادة منهما على أعتاب ذلك المجهول الحافل بالمفاجأت لكنهما مضيا بعيدا دون ارادة منهما الى نهايات تلك المآلات .
ترى أي شيء جال بخاطرهما وهما وسط ذلك المجهول أو في بدء ذلك المجهول ، هل تساءلا عن كنه الحدث – المجهول الذي يعصف بهما أم براءة الطفولة غير قابلة لهذا النوع من الأسئلة فالمجهول عالم تختمر فيه الطفولة دائما ، وتنتظر الاجابات دائما فالذاكرة الغضة للطفولة لا تسمح لها بالاجابات ، لا شك أن ذاكرتهما حينها تلعثمت بالاجابة ، فتأجلت تلك الاجابة الى ردح من الزمان امتد على مديات ذاكرة الزمن المر .
حين ألقيا على قارعة الطريق … لم يدر في خلدهما السؤال
في أي المدن ؟ هما يحلان … لايدركان ، على قارعة أي الشوارع ؟ هما ينتظران … لا يدركان …
بل لا يدركان حدث الانتظار انهم لا يدركان حتى معنى أن يكون الطفل مدركا ،مما يعمق من حالة الشعور بالمجهول ، فالمجهول شعور ينتاب النفس وليس فكرة تمر بالعقل .
هكذا بدت غضاضة الطفولة ينهشها الشعور بالمجهول ،أي احساس ؟ ما نوعه ؟ ما كمه ؟ ما نوع طبيعته ؟ كان يشغل ذاتيهما وهما تفتتحان تاريخ الوجود بتساؤلات المجهول من نحن ؟ أين نحن ؟ الى أين نحن ؟ تساؤلات بلا أجوبة لاسيما انها تساؤلات بصيغة مشاعر تساؤلات بماهية أحاسيس ، تساؤلات لا تملك القدرة على صياغة المعنى فيها بمفردات الوعي لانهما طفلان دون الوعي أو دون القدرة على وعي مايحدث أو حدث لها .
انهما بلا ماض تسمح لهما ذاكرتهما الغضة بالامتلاء من تفاصيله ، بلا حاضر يكشف عن ذاتهما عن هويتهما ، فضلا عن انهما بلا مستقبل بعد ان تساوت أزمنة المجهول بالنسبة لهما .
من هما ؟
سؤال يؤرقهما يمكث الليل يقض مضجعهما ينشب أظفاره بقوة في ذاكرة بلا ماض فلا يجني جوابا سوى إدماء الذاكرة ونزيف الوجع الليلي .
لا يكاد يقودهما شيء الى الجذر الأول في الماضي ، الى هوية الوجود الشخصي لهما ، الى ادراك ذاتهما في هذا الحاضر المنبت عن المجهول ، لا يوجد شيء يقودهما في خوض أو في خضم ذلك المجهول .
لكنه الاسم !!!!!
فالاسم هو السمة وهو العلامة وبهذا فالاسم سمة الوجود وهو العلامة على الوجود وبه يدرك الوجود وهكذا بدأ أحمد وفراس يدركون وجودهما الخاص بهما من خلال اسميهما وهو كل ما احتفظت به ذاكرتهما من أزمنة المجهول .
حين سألهما ذلك المربي الحاني ذو القلب العطوف عن حالهما لم يدركا من حالهما سوى اسميهما وهكذا بدأت قصة وجودهما وهي تستعيد قصة المغيب عن أهله يوسف النبي .
ذاكرة فراس رغم انها لاتعي كل ماض لها لكنها لازالت تعي اسمه وفي مسار هذا الوعي الطفولي قادت الى اسم أحمد واسم أحمد قاد الحدث اليوسفي كله الى ذاكرة العالم تلك الذاكرة التي يختزنها اليوم عالم الشبكة العنكبوتية / الانتريت وفي تلك الشبكة يعثر الأخ على أخيه ويعثر يوسف العصر على أهله وذويه ويكون اللقاء بعد أربع عقود من الزمن المر في ذاكرة الضياع ذلك الزمن الذي ساد فيه الطغاة – الطغام وانبرت عقيدة البعث تمجد فيه كل اللانسانيات من السلوك والافعال وتبيح المحظور في معاملة الانسان ، ويدرك يوسف العصر ماضيه المجيد فاذا هو نسبا وحسبا من سلالة سرت في عروقها الدماء الزكية وجللتها نفحات العرش القدسية ويكتشف انتمائه الى أب وأم نجباء شرفاء شهداء .
وينجلي المجهول عن تاريخ من الحضور المشرف لفراس وأحمد فهما كما أوحت به رؤيا ذلك المربي الحاني ذو القلب العطوف وتأولها بأن نزيليه وضيفيه هما من ذرية آل الرسول لتستعيد ملحمة الفقد الخاصة بفراس وأحمد لمحات الحدث اليوسفي في تأويل الرؤيا وصدقها .
فسلام لك فراس وسلام لك أحمد فأنتما في مآقي عيون مؤسستنا ، مؤسستكم ، مؤسسة السجناء والمعتقلين السياسيين .

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here