العنف السلطوي ضد المرأة في عهد الطاغية

0
2121

أحلام رهك

العنف ضد المرأة هو سلوك أو فعل موجه إلى المرأة يعتمد على القوة والشدة والإكراه، ويتسم بدرجات متفاوتة من التمييز والاضطهاد والقهر والعدوانية، ويتخذ أشكالًا نفسية وجسدية متنوعة في الأضرار.

ويتنوع العنف ضد المرأة بين ما هو فردي، ويتجسد بالإيذاء المباشر وغير المباشر للمرأة باليد أو اللسان أو الفعل، أياً كان، وبين ما هو جماعي (العنف الجمعي) الذي تقوم به مجموعة بشرية بسبب عرقي أو طائفي أو ثقافي، والذي يأخذ صفة التحقير أو الإقصاء أو التصفيات. وبين ما هو رسمي (عنف السلطة) الذي يتجسد بالعنف السياسي ضد المعارضة وعموم فئات المجتمع. وحينما تقع المرأة ضحية الأضرار الناتجة عن منهج العنف، فإنها تفقد إنسانيتها، التي هي هبة من الله، وبفقدانها لإنسانيتها ينتفي أي دور بنّاء لها في حركة الحياة.

ومن أجل حماية النظام، كان يُفرض تغييب أصحاب الفكر الآخر، ومنهم النساء الناشطات في الحياة السياسية، سواء بتصفية تلك التنظيمات أو الأشخاص بالتي هي أحسن أو بالسجن والتعذيب والتدمير الكامل الجسدي لوجود صاحب الرأي والموقف الآخر.

ان عمليات التعذيب كانت تتم في غرفة التعذيب الخاصة ليلاً من قبل الجلادين غلاظ النفوس وبليدي الإحساس، القساة الذين لا تعرف الرحمة طريقها إلى قلوبهم، يتلذذون ويقهقهون ويتندرون فيما بينهم وهم يمارسون الأساليب التي تؤدي إلى إصابة المرأة المعتقلة بالرعب والخوف والتشنجات العصبية بسبب التعذيب أو خشية الموت تحت التعذيب.

كان الضرب المبرح بالسياط على الظهور، أو الضرب بالعصي والسياط على باطن الأقدام، أو الضرب العشوائي في كل مكان من أنحاء الجسم، وخاصة على العمود الفقري والرقبة، أو التعليق والضرب وتقييد الأيدي أو استخدام التيار الكهربائي على مواقع من جسم المرأة، وإنزال الصعقات التي تعرض الضحية إلى شتى أشكال العذاب والاقتراب من الغيبوبة أو السقوط بها فعلاً.

وفي هذا الموقف، لا يوجد أي تمييز بين المرأة والرجل؛ فكلاهما سواسية ويتحملان نفس العواقب جراء حملهما للرأي الآخر. ومن الجدير بالذكر أن الذهنية الصدامية التي ساهمت في تعميق وتشديد الجوانب العنصرية والشوفينية والاستبدادية والقمعية في فكر البعث العفلقي كانت فكرًا إقصائيًا واستئصاليًا للآخر، سواء كان الآخر فردًا أم جماعة أم حزبًا أم جماعة قومية أخرى أم حتى شعبًا آخر.

استخدم النظام السلطوي ممارسة الإرهاب وإرعاب النساء المعارضات وقمعهن بكل الأساليب التي عرفتها النظم الاستبدادية السابقة، مضيفًا إليها كل ما استجد من أساليب التعذيب وممارسة القسوة بحقهن أو تدمير كرامتهن وثقتهن بأنفسهن وقدرتهن على الصمود. أي أنه دمج بين أساليب القهر البربرية للاستبداد التقليدي وأساليب القرون الوسطى والأساليب الحديثة الأكثر تطورًا من الناحية التقنية التي طُبِّقَت في بلدان الشرق والغرب.

شكل نظام صدام حسين محكمة الثورة سيئة الصيت التي تُرفع إليها كل المسائل التي تمس قوى المعارضة السياسية العراقية والدولة، وكانت أحكامها لا تفرق بين النساء والرجال؛ فالمرأة إذا كانت حاملًا، ينتظرون حتى تضع جنينها ليحكموا عليها، وغالبًا ما كان الحكم يتراوح بين الموت والمؤبد، إن لم تكن قد قُتلت تحت التعذيب حتى قبل تقديم اسمها للمحاكمة.

فقد أقام صدام حسين في العراق نظامًا دكتاتوريًا يتميز بالقسوة والشراسة والسادية الدموية، نظامًا لا يميز بين الشيخ والصبي، وبين المرأة والرجل، وبين المريض والناصح، في التصدي لمن يشعر بأنه يشكل خطرًا عليه بأي شكل من الأشكال.

لقد عانت النساء في العراق من طبيعة هذا النظام ومن سياساته باتجاهات عديدة؛ فقد فقدن أقرباءهن في الحروب الداخلية والخارجية وفي السجون والمعتقلات، وحرمن من حقوقهن المشروعة، وجرى التجاوز حتى على حقوقهن التي ضمنها الدستور المؤقت للنظام. كما واجهن غضب النظام وقمعه الشرس بشكل مباشر عبر الملاحقة والاعتقال والتعذيب والسجن دون محاكمة والقتل تحت التعذيب أو الإعدام بمختلف الأسباب والأساليب.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here