الدول بإعلامها

0
1951


د.حسين القاصد …

تم توظيف الادب والثقافة والاعلام لخدمة السلطة ، ليكون فيما بعد وفي زمن حكومة البعث دمجا قصديا لتدجين الثقافة عبر وزارة تجمع الادب والاعلام وهي وزارة الثقافة والاعلام ، وبهذا تحول الأديب الى اعلام السلطة وصار الاعلامي والاديب في وزارة واحدة لأنهما يقومان بوظيفة واحدة هي نشر واشاعة منجزات السلطة .

كل السلطات الدكتاتورية الشمولية تعاملت مع الثقافة على انها وسيلة اعلام ، وحين انهارت الدكتاتورية ، انفصل الاعلام عن الثقافة ، فصارت وزارة الثقافة تعنى بالثقافة ـ

كما هو مفترض ـ وصارت للاعلام مؤسساته الحرة او الحكومية ؛ لكن ما أن دخلت داعش واحتلت ثلث العراق بوقت خرافي ، حتى ادركنا معنى قوة الاعلام ، ذلك لأن داعش لم تنتصر عسكريا ، ولم تواجه مقاومة من القوات العراقية في وقتها ؛ فكل ما حدث هو هالة اعلامية ضخمة تقف خلفها مؤسسات اعلامية محترفة ، تمكنت من اشاعة الرعب وتصدير خبر سقوط المدن قبل سقوطها ، لذلك كل ماكانت تملكه داعش هو الاعلام وبه وحده تمكنت من تحقيق ماحققته في العراق وسورية ، ولا شك ان جودة الصورة والاخراج واشاعة الرعب والذبح على طريقة الأكشن كان له أثره البالغ في ما حققته داعش على الارض .

وبعد ان امتلك العراق المبادرة وعادت هيبة الجيش وأخذت اناشيد الحماسة تأخذ طريقها للشارع العراقي ، لاسيما اناشيد الحشد الشعبي ، انقلبت المعادلة على العدو ، وتلاشت قوته المزعومة ، وانتهت خرافته التي صنع الاعلام المعادي ، وانتصر العراق بعد ان اجاد استثمار الاعلام سلاحا في المعركة .

في مرحلة مابعد داعش بقيت اغلب الوزارات تحتفظ بطابع الرتابة المهيمن على اعلامها ؛ بل ان بعضها بقي مصرّا على شخصنة الاعلام لذلك نرى الفضائيات التابعة للوزارات تركز على تكرار ظهور الوزير حتى في فواصل الاخبار ، وصار مدراء اعلام الوزارات مدراء اعلام وزراء لا وزارات ، وصارت المواقع الالكترونية تعرف من صورة الوزير ، بينما بقيت الاخبار التي تهم المواطن والموظف في هذه الوزارة او تلك ، بل حتى الانجازات ، بقيت حبيسة ملفات الحفظ والارشيف ما لم يسعفها محرر الخبر بعبارة « برعاية الوزير …» او بتوجيه من الوزير» ؛ وقد لايكون هذا الخلل بتوجيه من الوزير نفسه مع تأكيد حب الظهور عند اغلب المسؤولين ، لكن الخلل يكمن في ان بعض مدراء الاعلام موظفون لا اكثر ، لم يسبق لهم نشر مقال واحد في الصحافة ولم ترسخ لهم صفة الاعلامي او الصحفي ، وهذا هو سر تلكؤ اداء بعض الوزارات ، فقيمة المنجز باشاعته واعلام الناس به، لا باشاعة اسم المسؤول وتعريف الناس به .

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here