عبد الزهرة محمد الهنداوي ..
صندوق الدراما الذي نتحدث عنه ، هو صندوق شفاف يشبه الصناديق الزجاجية التي بالإمكان مشاهدة ما بداخلها من محتويات بوضوح وبالعين المجردة .. وهو مفتوح امام الجميع لتقديم الدعم للدراما العراقية والنهوض بواقعها بعد التراجع الخطير الذي منيت به بسبب ضعف الامكانات المالية وغياب الدعم الذي يمكنها من المنافسة في اطار المشهد الدرامي العربي.
وتعد تجربة هذا الصندوقربما الاولى من نوعها في العراق ، فبعد ان تبنت شبكة الاعلام العراقي اطلاق مبادرة صندوق دعم الدراما ، سارعت جهات وفعاليات مهمة إلى تمويل هذا الصندوق بما يمكن ان تجود به الامكانات المتاحة ، وربما لأول مرة ايضا يبادر القطاع الخاص في عقد شراكة حقيقية مع القطاع العام في دعم قطاع الفن والثقافة في ألعراق ، الفن الذي يعد صانعا ومنتجا للحياة في معناها الحقيقي الجميل.
فبالإضافة إلى الجهة صاحبة المبادرة والشركاء من الجهات الحكومية الاخرى المتمثلة بالبنك المركزي وهيأة الاعلام والاتصالات ، دخلت رابطة المصارف الخاصة العراقية شريكا قويا في دعم وتبنى هذه المبادرة من خلال تقديم مليار دينار عراقي ، دفعة اولى لصندوق ، دعم الدراما ، من دون ان ننسى اسهامات جهات اخرى من بينها شركتا زين واسيا للاتصالات ومن المؤكد ان مثل هذا المبلغ وان كان متواضعا في ظل الحاجة الكبيرة لأعمال درامية تملأ الفضاء الوطني ، إلا انه يمثل خطوة اولى مهمة في طريق بعث الحياة من جديد في روح الفن العراقي ، وبدأت نتائج هذا الدعم واضحة من خلال توقيع عقود انتاج ثلاثة اعمال درامية لكتاب عراقيين مرموقين وهذه الاعمال هي (مسلسل جفن الردى) ، (مسلسل في قلبي) و(مسلسل عائلة خارج التغطية).
ان مايميز مبادرة صندوق دعم الدراما هي انها اسهمت في فسح المجال امام القطاع الخاص ليثبت وجوده في الواقع العراقي ، وتغيير الصورة النمطية المرسومة في اذهان الناس ، بأن هذا القطاع هو قطاع غير فاعل وهو قطاع جبان لاهم له سوى تحقيق الارباح والمحافظة على (فلوسه) بأي صورة من الصور ، وهي خطوة ، تضاف لخطوات سابقة ، لاسيما رابطة المصارف الخاصة العراقية التي نجحت في تخطي الكثير من العقبات الكأداء وحركت زوايا ساكنة في المشهد العراقي من قبيل مشروع الالق لتطوير ساحات العاصمة ومشاريع اخرى ثقافية وفكرية وفنية ورياضية وتنموية وشبابية.
وبلا شك ان المزيد من الاثار الايجابية لصندوق دعم الدراما ستظهر في المستقبل ، وليس صعبا على الدراما العراقية ان تتآلق من جديد وهي تحظى بمثل هذه المبادرات الوطنية السخية، وليس مستبعدا ايضا ان نجد اعمالا عراقية وقد تسمرت العيون امام الشاشات العربية لمشاهدتها، وخصوصا في شهر رمضان الذي امتلأت ساعاته بالدراما المصرية والكويتية.
فجميع المقومات الاخرى موجودة اذا توفر المال ، لدينا كتاب كبار ولدينا اجيال من الفنانين المبدعين ولدينا قصص وحكايات افرزها الواقع العراقي في جميع تفاصيله يمكن ان تجتمع هذه المعطيات جميعها لتنتج لنا دراما عراقية متميزة .. والفضل كله يعود لمن فكر وأطلق مبادرة صندوق دعم الدراما العراقية .. فالدراما في نهاية المطاف..حياة.
Post Views: 2٬174