حسين علي الحمداني ..
ندخل عام هجري جديدا ونحن في أمس الحاجة لأن نستلهم الدروس والعبر من هذا الحدث التاريخي الذي غير ملامح العالم الفكرية ومنح الإنسانية نظم حياة جديدة ارتقت بها نحو الأفضل.
والهجرة في واحدة من أهدافها ومعانيها كانت ثورة كبيرة ضد الاضطهاد الفكري و كانت ضرورة أكثر مما هي رغبة بالتخلص من أذى المشركين،ضرورتها تكمن بأن الله تعالى أراد أن تكون هذه الهجرة انتقالا معنويا أكثر مما هو مادي ومكاني.
،وهذا ما منح الإسلام قوة بعد ضعف،وقبول بعد رفض،وانتشار بعد مضايقات ومن القلة المعدودة إلى الكثرة التي بايعت،مضافاً إلى هذا كله الألفة والتآخي والوحدة التي تجسدت في أسمى معانيها في وثيقة المدينة التي تُمثل فيما تمثله أسمى ما يمكن أن تصل فيه العلاقة بين أفراد المجتمع الواحد.
وحين نتمعن في أسباب الهجرة النبوية الشريفة وما سبقتها من هجرات المسلمين،إنما كانت هجرة لأسباب عديدة وليست لسبب واحد،السبب الأول هجرة من أجل نشر الدين الجديد،السبب الثاني، التخلص من الظلم الاجتماعي والاقتصادي والذي عانى منه أتباع الدين الجديد في مكة خاصة ما يتعلق منه بالجوانب الاجتماعية والاقتصادية ومحاصرة المسلمين من قبل قريش في شعب أبي طالب سنوات عدة.
والهجرة تمثل أيضاً ثورة اجتماعية واقتصادية وفكرية تقوم على الإصلاح والصلاح، خاصة ان مرحلة ما بعد الهجرة النبوية الشريفة كانت زاخرة بالأحداث الكبرى في تاريخ الإسلام،حيث تحول الإسلام من أقلية في مكة إلى أغلبية في المدينة،ومن الدفاع عن دينهم إلى نشر الدين،ومن الصمت والسرية،إلى العلنية والجهر،كانت هذه الأحداث تنتظر الهجرة الكاملة لكي تحصل،أخذ المسلمون عنصر المبادرة فكانت بدر الكبرى وتأثيراتها في مسارات تاريخ العرب والمسلمين .
وواحدة من الحقائق التي تشكلت في المشهد الاجتماعي والسياسي والفكري بعد الهجرة النبوية،تمثل بأن الجزيرة العربية الآن فيها مكون جديد ودولة جديدة وأمة جديدة هي أمة الإسلام،لم يكن بإستطاعة أحد أن يقول هذا لو بقي الإسلام في حدود مكة وسياط المشركين وتعذيبهم .
لهذا فإن الهدف من الهجرة عظيم،والذي تمثل بالانتقال بالرسالة الإسلامية من مرحلة الدعوة إلى مرحلة الدولة وهي انتقالة كبيرة كان لها شأنها ليس على العرب فقط بل تعداه للأمم الأخرى،وهذا ما جعل هدف الرسالة الإسلامية يتحول هو الآخر من تهذيب الإنسان الفرد إلى صناعة مجتمع متكامل البناء والعقيدة،بعد أن كانوا يدخلون الإسلام فرادى،باتوا الآن يدخلونه أفواجا،ومن حركة محدودة التأثير داخل مكة القرية إلى حركة عالمية الأهداف، خاطبت الأباطرة والأكاسرة وغيرهم.
اليوم نحن أبناء الشعب العراقي علينا أن نستلهم الدروس الكبيرة من هذا الحدث التأريخي وأهم هذه الدروس توحيد الصف لمواجهة التحديات الكبيرة وأبرزها بالتأكيد وحدتنا الوطنية التي تؤمن لنا القوة من أجل بناء دولة مؤسسات قائمة على المواطنة وتعزيزها في المنهج والسلوك اليومي للمواطن والمسؤول معا.
Post Views: 2٬732