حكومة الكاظمي: تشابُه المقدمات هل يعني تشابُه النتائج

0
1919

د.حميد الطرفي …
لم تختلف مقدمات تشكيل حكومة الكاظمي كثيراً عن مثيلتها التي سبقتها أعني حكومة السيد عبد المهدي ، فالكاظمي جاء عن طريق توافق شبه التام من كتل المكون الشيعي ( سائرون والفتح والحكمة) ، ولم يُسمح لوزارته ان تكون مكتملة من أول يوم في جلسة منح الثقة ، مر الجزء الأكبر من الحكومة على انه اختيار رئيس الوزراء في حين كشف تاخر منح الثقة لما تبقى من الكابينة كشف أن وزرائه موزعين على كل الكتل البرلمانية ومن لم ينل منها نصيباً طفح كيله وأخذ يكشف المستور . الكاظمي اليوم وعد بان يكون إكمال الكابينة قبل انتهاء الشهر الفضيل ظناً منه أن تجري الأمور في مجاريها وها هو الشهر الفضيل يودعنا دون أن تكون هناك أي بادرة لملء الكابينة التي تعوزها سبعة وزارات اثنان منها سيادية ( النفط والخارجية) .
تسريبات بدأت بشأن مطالب بعض الكتل حول منصب الأمانة العامة لمجلس الوزراء ومحافظ البنك المركزي وديوان الرقابة المالية ، والاسم المراد لوزارة الخارجية وتلك التسريبات تشي بضغوط للكتل السياسية على رئيس الوزراء .
قواعد علم الكيمياء تقول ان تفاعل مواد معينة يؤدي إلى نفس النتائج في كل مرة ، ولكنها تشترط نفس الظروف من درجة الحرارة والضغط والضوء وغيرها ، في علم السياسة قد لا يتطابق الأمر مادام الإنسان الذي هو مادة التفاعل متغير الأحوال من حال إلى حال ، ولو افترضنا تطابق مقدمات حكومة الكاظمي مع حكومة السيد عادل عبد المهدي فعلينا التذكير باختلاف الظروف ، فحكومة الثاني لم تمر بالأزمة المالية وانهيار أسعار النفط الا قبل مغادرتها بشهرين ، كما إنها غادرت الحكم والبلاد والعالم يئن من نتائج جائحة وباء كورونا ، أضف إلى ذلك القاعدة النفسية التي تقول تراكم الفشل يعني تراكم الضغط وكلما زاد عدد مرات الفشل كلما زاد الضغط حتى يصل إلى الانفجار غير المسيطر عليه . هذه الظروف لن تكون في صالح حكومةالكاظمي ، ولكن ما يكون في صالحه هو يقين الكتل السياسية بان الفشل هذه المرة قد يؤدي إلى انهيار النظام السياسي برمته وبالتالي خسارة الجميع وربما خسارة الوطن ، وخسارة الشعب ، لان انهيار النظام في هذه المرحلة يعني الذهاب إلى الفوضى شاء من شاء وابى من ابى .
قبل ايام سمعت تصريحاً خطيراً للسيد المالكي مع إذاعة بصرية ، يحذر فيه من ان أهل البصرة إذا لم يلمسوا تغييراً في خدماتهم ربما يلجأون إلى منع تصدير النفط من محافظتهم !!! وهذا هو المحذور ، فالبعض رفع شعار ( ماكو وطن ماكو دوام ) أيام التظاهرات وأفشلنا عام دراسي كامل ، فماذا سيقول الكاظمي لو رُفع شعار ( ماكو وطن ما كو نفط) ؟ خصوصاً ونحن على أبواب حزيران وتموز وآب ، أشهر الغضب حتى بدون مسوغات الغضب ، والكهرباء لم تتحسن .
ما على الكتل السياسية ان تدركه هذه المرة أن مصلحتها في معونة الكاظمي وليس في إعاقة حكومته وأنها مدعوة لانجاح منهاجه الوزراي بالنصح والمساعدة بكل جدية واخلاص من دون مواربة ولامناكفة ولاتحيل ولاتربص ومن دون مكاسب كتلوية ضيقة ، هذه الدعوة ليست أخلاقية مجردة بل هي سياسية بامتياز ، فالنظام السياسي بحاجة إلى استراحة من تراكم الفشل ، وإيقاف تفاعل اليأس والإحباط لدى المجتمع ، إنه بحاجة إلى إنعاش من قبل القائمين عليه بالتخلي ولو مؤقتا عما يسمونه استحقاقات انتخابية والانتقال الى كسب الشرعية عن طريق الانجاز لكسب ثقة المجتمع من جديد وتشجيعهم على الاشتراك في الانتخابات المقبلة ، قلة المناكفات ، دعم الحكومة في محاربة الفساد ، الاتفاق بسرعة على مرشحي الوزارات المتبقية ، سحب (اللجان الاقتصادية ) التابعة لبعض الأحزاب من مكاتب الوزراء ، ايقاف اي عمل مسلح من غير غطاء قانوني ، و… و… . بخلاف ذلك فإن اسقاط هذه الحكومة وبنفس طريقة اسقاط حكومة عبد المهدي ستكون له تداعيات خطيرة ولن يكون بديله هذه المرة -إن تم – إلا الفوضى المدمرة مالم تتغير الظروف السياسية على المستوى المحلي والاقليمي والدولي .

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here