كاظم محمد الكتبي …
تصادف هذه الايام ذكرى شهادة احد كبار فلاسفة الاسلام الا وهو الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر احد مفاخر المؤسسة الدينية في النجف الاشرف .
ولد السيد الشهيد محمد باقر الصدر في في 1 مارس 1935 الموافق ليوم 25 ذي القعدة عام 1353 هـ. في الكاظمية المشرفة ودرس في اروقة الحوزة العلمية سواء في الكاظمية اوالنجف الاشرف فبدا كعادة طلبة العلم من الأسر العلمية بدراسة مقدمات العلوم الشرعية واللغة العربية في بيته على يد اخيه العلامة اسماعيل الصدر [ وهو احد العلماء المعروفين ] وقد ظهرت عليه علامات النبوغ مبكرا فقد أجاب عن أعقد المسائل وهو صغير لم يتجاوز الحلم في مجلس درس جده لأمه الفقيه محمد رضا ال ياسين (قده) وقد خير في أوانه بين البقاء في الكاظمية في ظل السيد محمد الصدر رئيس مجلس الاعيان ويعيش حياة رغيدة ، او الانتقال إلى النجف الاشرف والعيش على الكفاف في مساكن و مدارس النجف المتواضعة ففضل الصدر الانتقال إلى النجف والمكوث في جوار أمير المؤمنين(ع) والعيش على الكفاف ، متتلمذا على اساطين فقهائها كالسيد الخوئي و الملا صدرا البادكوبي والشيخ عباس الرميثي ومحمد تقي الجواهري وهم من خيرة أساتذة الحوزة العلمية في النجف الاشرف آنذاك.
درس الفقه واصوله والفلسفة واللغة والعقيدة وغيرها من المقررات الدراسية التي كانت ومازالت تدرس في الحوزات الدينية .
وفي سن مبكرة ظهرت علائم الذكاء على هذا الفتى الكاظمي ، وبدأ قلمه الشريف يخط أفكاره في المجلات والكتب في مجال الفكر والتاريخ والعقيدة ، ومع تدرجه العلمي ونيله الاجتهاد بدا يكتب في المجالات العالية كالفقه والأصول والتفسير والفكر والفلسفة فانتج يراعه المبارك عددا من المؤلفات التي تجلى فيها عنصر الابداع ولمسات المعاصرة كالحلقات الاصولية التي وضعها كمقرر لطلبة العلم بعد أن كانوا يدرسون الكتب الاصولية غير المنهجية ذات اللغة القديمة المعقدة كالكفاية ، وكتب اقتصادنا وفلسفتنا وهما من الكتب المبتكرة التي اغنت المكتبات الاسلامية فلم تكن الحوزات تفكر في هذه المجالات فضلا عن تأليف الكتب فيها .
كما كتب الاسس المنطقية للاستقراء هذا السفر المهم الذي أعجب به المفكرين و دارسي الفلسفة وقد سد فجوة كبيرة لم يستطع فلاسفة الشرق والغرب ان يعالجوها تلك الفجوة المتعلقة بالاستقراء ودوره في الوصول إلى اليقين والحقائق وجميل ما قاله استاذ الفلسفة المعاصر الدكتور زكي نجيب محمود عندما قرأ هذا الكتاب قال : ( ان مؤلف هذا الكتاب فيلسوف حقا ) ، وقد وصف المفكر الدكتور عدنان ابراهيم هذا الكتاب بأنه : ( عمل جبار وانصح كل فيلسوف او دارس للفلسفة ان يقرأ هذا الكتاب، لكن قراءة هذا الكتاب سوف تشكل تحديا كبيرا لذكاء الانسان ) ! ..
ان المتابع لاغلب مؤلفات الشهيد الصدر (ره) يلمس بوضوح الابتكار والابداع بل جميع نتاجه الفكري والعلمي هو كذلك يسد الثغرات الموجودة في المكتبات الإنسانية والإسلامية وحتى الفكر القديم عندما يطرحه الشهيد الصدر يلبسه لباس المعاصرة من حيث الأسلوب او الطرح او اللغة او ينظر له من زوايا اخرى لم يلتفت إليها احد .
رحم الله الشهيد الصدر في ذكرى شهادته في التاسع من نيسان عام 1980م .. نسأل الله الكريم ان يرزقنا امثاله من العلماء الربانيين، ويرزقنا فهم منهجه والسير على نهجه قولا وفعلا والحمد لله أولا واخرا .
Post Views: 1٬112