
فاضل الحلو
في ظل تصاعد التوترات الإقليمية والدولية، تقف حكومة بنيامين نتنياهو في إسرائيل على رأس موجة جديدة من السياسات العدوانية التي لا تنذر إلا بمزيد من التصعيد، والانفجار الإقليمي، وربما إشعال فتيل حرب شاملة لن تقف حدودها عند الشرق الأوسط، بل قد تمتد تبعاتها إلى الساحة الدولية بأسرها.
حكومة تطرف وتحدٍّ للمجتمع الدولي
منذ عودته إلى السلطة، شكّل نتنياهو حكومة تعدّ من الأكثر تطرفًا في تاريخ إسرائيل، بمشاركة وزراء ينتمون إلى التيارات الصهيونية الدينية والعنصرية، والذين لا يخفون نواياهم تجاه الفلسطينيين أو المنطقة عمومًا. ومع تصاعد العمليات العسكرية في غزة والضفة الغربية، بات واضحًا أن هذه الإدارة لا تسعى إلى السلام، بل إلى فرض وقائع بالقوة، داخليًا وخارجيًا.
الاعتداء على إيران: مقامرة خطيرة
في الأشهر الأخيرة، بدأت إسرائيل تتخذ خطوات مباشرة أو غير مباشرة تجاه استهداف الأراضي الإيرانية، سواء عبر:
-
هجمات سيبرانية ضد منشآت صناعية أو نووية داخل إيران.
-
اغتيالات ممنهجة استهدفت علماء نوويين وشخصيات أمنية.
-
قصف مراكز تابعة لإيران أو حلفائها في سوريا ولبنان.
-
تهديدات علنية بتنفيذ ضربة عسكرية مباشرة ضد البرنامج النووي الإيراني.
كل هذه المؤشرات تشير إلى رغبة إسرائيلية واضحة لجرّ إيران إلى مواجهة مفتوحة، مستغلةً التوتر القائم في المنطقة والانحياز الغربي، خصوصًا الأمريكي، لسياساتها.
لكنّ هذه المقامرة محفوفة بالمخاطر؛ فإيران ليست دولة معزولة، ولديها تحالفات إقليمية قوية، وقدرات عسكرية وصاروخية أثبتت فعاليتها في أكثر من ساحة. وأي هجوم مباشر عليها قد يُشعل حربًا تشمل الخليج، العراق، سوريا، لبنان، وربما البحر الأحمر.
نتنياهو… سياسة الهروب إلى الأمام
المراقبون يرون أن نتنياهو يسعى من خلال هذه التوترات إلى الهروب من أزماته الداخلية، المتمثلة في:
-
ملفات الفساد التي تلاحقه في المحاكم.
-
احتجاجات شعبية واسعة ضد سياساته القضائية والاقتصادية.
-
تفكك اجتماعي داخل إسرائيل بين التيارات العلمانية والدينية.
-
الفشل في إدارة ملف غزة وتصاعد العمليات الفدائية.
في هذا السياق، تبدو المواجهة الخارجية، سواء مع الفلسطينيين أو مع إيران، فرصةً لتوحيد الداخل الإسرائيلي، وصرف النظر عن الإخفاقات الداخلية، ولو على حساب أمن المنطقة واستقرار العالم.
المجتمع الدولي: الصمت المريب
في مقابل كل هذا التصعيد، يقف المجتمع الدولي – وخاصة القوى الكبرى – متفرجًا بصمت أو داعمًا بخجل، في تكرار خطير للسيناريوهات التي سبقت غزو العراق أو تدخلات كارثية أخرى. ورغم تحذيرات الأمم المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية من أي تصعيد مع إيران، لا تزال إسرائيل تواصل أعمالها الاستفزازية دون رادع.
إن هذا الصمت لا يُفسّر إلا كضوء أخضر، قد يُشجّع تل أبيب على ارتكاب حماقة كبرى، ستكون تبعاتها مدمرة على الجميع.
المنطقة على شفير الهاوية
إذا اندلعت شرارة المواجهة، فستكون:
-
المضائق المائية مهددة، من هرمز إلى باب المندب.
-
الأسواق النفطية متأرجحة، مما سيؤدي إلى ارتفاع جنوني في الأسعار.
-
التحالفات الدولية ستُختبر بشدة، مع احتمالية تداخل روسيا والصين في مواقف مباشرة.
-
الجبهات المشتعلة ستزداد، خاصة في العراق وسوريا ولبنان، حيث توجد أطراف محسوبة على إيران قد تدخل المعركة فورًا.
الخلاصة: مغامرة بحجم الكارثة
لا شك أن المنطقة اليوم على مفترق طرق، وما تقوم به حكومة نتنياهو من استفزازات سياسية وعسكرية، خصوصًا تجاه إيران، يمثل خطرًا حقيقيًا ليس على الأمن الإقليمي فحسب، بل على السلم الدولي أيضًا.
إن المجتمع الدولي مطالبٌ، أكثر من أي وقت مضى، بكبح جماح المغامرات الإسرائيلية، وفرض آليات حقيقية لضبط التوتر، فالشرق الأوسط لا يحتمل حربًا جديدة، والعالم لن يكون بمنأى عن تبعاتها.
Post Views: 85