إيران لا تدافع عن نفسها فقط بل عن أمة كاملة

0
47


فاضل الحلو

في خضم التحولات الجيوسياسية المتسارعة التي يشهدها العالم، بات من الواضح أن الدور الذي تلعبه الجمهورية الإسلامية الإيرانية يتجاوز حدود الدفاع عن أمنها القومي، ليشكل درعًا سياسيًا واستراتيجيًا لأمة كاملة تمتد من غرب آسيا إلى شمال أفريقيا.

مشروع استراتيجي يتجاوز الجغرافيا

منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979، اتخذت إيران نهجًا مغايرًا للمنظومة الغربية التقليدية، قائمًا على دعم قضايا الشعوب المستضعفة ورفض الهيمنة الأجنبية. لم يعد الصراع الإيراني محصورًا في ملفات الطاقة أو الحدود، بل أصبح متعلقًا برؤية أوسع تسعى لحماية الكرامة والسيادة الوطنية في وجه المشاريع الاستعمارية الجديدة.

الدفاع عن القضية الفلسطينية نموذجًا

ربما تكون القضية الفلسطينية أبرز تجليات هذه الرؤية، حيث تعتبرها إيران قضية مركزية لا تقبل المساومة. ومن خلال دعمها السياسي والعسكري لحركات المقاومة، لم تتبنَّ طهران مجرد موقف تضامني، بل تحمّلت تبعات استراتيجية واقتصادية جسيمة من أجل ترسيخ معادلة “الردع المقاوم” في المنطقة.

محور المقاومة: مظلة استراتيجية

يُنظر إلى إيران اليوم كرافعة لمحور المقاومة الذي يضم أطرافًا من لبنان وسوريا والعراق واليمن وفلسطين. هذا المحور، وإن اختلفت تسمياته، يعكس تشابكًا في المصير والمصالح، حيث بات الدفاع عن أحد أعضائه يُعد دفاعًا عن الجميع، وهذا ما جعل إيران في صلب المواجهة المستمرة مع القوى الدولية والإقليمية التي تسعى لتفكيك هذا التحالف.

إيران بين التهديد والردع

الهجمات السيبرانية، والعقوبات الاقتصادية، والضغوط الدبلوماسية، جميعها أدوات تستهدف تقويض الدور الإيراني المتنامي. غير أن إيران استطاعت تحويل هذه التحديات إلى فرص لتعزيز استقلالها الصناعي والعسكري، مما عزز من قدرتها على تأمين حلفائها والرد على أي تهديدات تطالهم.

الختام: مشروع أمة لا دولة

إن ما تقوم به إيران ليس مجرد سياسة خارجية نشطة، بل هو مشروع متكامل يستند إلى قناعة بأن الدفاع لا يقتصر على حدود الوطن، بل يشمل كل قوى الأمة التي تسعى للكرامة والسيادة والتحرر، وفي هذا السياق، يمكن فهم المواقف الإيرانية باعتبارها جزءًا من رؤية استراتيجية شاملة لأمة تمتد خارج الخرائط التقليدية.

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here