
بشير الماجد …
لم يخفى على متفحص بالشأن الاقتصادي السياسي العراقي المطبات التي حصلت في الموازنات المالية بعد 2014 ، ودخول داعش واحتلال أجزاء كبيرة من المحافظات الشمالية والغربية مما انعكس على الوضع الاقتصادي للبلاد برمتها ، الأمر الذي دعا الحكومة لاتخاذ إجراءات تقشفية من شأنها ان تحافظ على التوازن الاقتصادي سيما إن الأزمة وصلت إلى حد صعوبة تأمين الرواتب للموظفين ، ومن بين إجراءات التقشف التي انتهجتها الحكومة إيقاف المشاريع الإنشائية قيد الانجاز لصعوبة توفير تخصيصاتها المالية الأمر الذي عطل العديد من المشاريع الخدمية ولم تكن مؤسسة السجناء السياسيين بمنأى عن الأزمة أو المعالجات التقشفية التي انتهجتها الحكومة بتخفيض التخصيصات المالية مما جعل المؤسسة في خانة ضيقة ما بين سعة الاستحقاقات وضيق طموحات وتطلعات المؤسسة في انجاز مستحقات المشمولون بقانونها ، مثلها مثل الوزارات الأخرى التي توقفت مشاريعها ، وما امتيازات وحقوق السجناء السياسيين إلا مشاريع مادية في نظر الدولة التي وضعت معالجات سريعة لتخطي الأزمة المالية الخانقة .
فما فرض على وزارات ومؤسسات الدولة فرض على مؤسسة السجناء السياسيين كونها جزء من نسيج الحكومة وبالتالي ينعكس كل ما تقدم على إيصال حقوق السجناء إليهم .
فهل تتحمل إدارة المؤسسة هذا التأخير في إيصال الحقوق وكميتها ؟
هل ينبغي على إدارة المؤسسة أن تتمرد على الحكومة وتطالبها بتخصيص تعجز عنه ؟
إذاً المؤسسة جزء من كيان الحكومة التي تتأثر بكل المتغيرات شأنها شأن الوزارات والمؤسسات والهيئات الأخرى .
تسنم السلطاني إدارة المؤسسة 2015
في عام الأزمة المالية تسنم مهام رئاسة المؤسسة الدكتور السجين السياسي ( حسين السلطاني ) وسعى جاهداً لكسب المنافع بكل الطرق التي يتيحها القانون وتقربها العلاقات ، وذلك عبر زيارات عديدة وطويلة ولقاءات متكررة تشعر معها بان السلطاني يُعرض نفسه الى مواقف قد لا يرغب فيها في حال وجوده خارج المنصب ، أنا شخصياً شهدت معه زيارات عديدة كان يبذل فيها كل جهده من اجل تحقيق مكسب للمشمولين بقانون المؤسسة ، لكن بعض الأمور بدى تحقيقها أشبه بالمستحيل وفق الظروف المالية الاستثنائية للبلاد .
علماً إن ميزانية المؤسسة في السنوات التي سبقت 2015 كانت كبيرة جداً وكان يعاد بعض منها إلى خزينة الدولة لبعض السنوات وشهدت المؤسسة في إحدى السنوات إعادة مبلغ قرابة 175 مليار دينار لخزينة الدولة ، لذلك خلق بعض المشمولون بقانون المؤسسة نوع من المقارنة طلباً لاستمرارية الإنفاق السابق غير مراعين التفاوت الهائل بين الميزانيات ، لهذا لجئت إدارة المؤسسة إلى توزيع مبالغ التعويضية والتي تشمل ( السفر ، الحج ، الصحية ، التعليم ) و تعويض (40 ألف دينار عن كل يوم ) كونه الأهم بين فقرات التعويضية التي يمكن تأجيلها في الوقت الحاضر مع الاحتفاظ باستحقاقها .
إعادة النظر
لم تشهد المؤسسة منذ تأسيسها تشكيل قسم خاص بإعادة النظر في ملفات المشمولين بقانونها إلا بعد 2015 وبإيعاز من رئيس المؤسسة الدكتور حسين السلطاني ، و أنجز هذا القسم الكثير من الأعمال المتعلقة بإبطال قرارات وكشف تزوير وإيقاف مستحقات وإعادة المبالغ التي تم استلامها من قبل المزورين .
ويعد هذا إجرإً إدارياً وقانونياً في غاية الأهمية ، بالنسبة لي شخصياً اعد هذا الإجراء أهم من مبالغ التعويضية ، فبعد دخول المزورين إلى قائمة الشرف التي يزينها سجناء الرأي أصبح يشوبها الطعن والاستحياء من قبل ذلك الانتماء الذي اتسخ بوجود المزورين وممن يشوب ملفاتهم بعض الشبهات وهناك إحصائية طويلة لدى قسم إعادة النظر الذي تأسس في آب 2015 أي بعد مجيء السلطاني بشهرين وهذا إن دل على شيء إنما يدل على حرص رئيس المؤسسة ( السجين السياسي الوحيد الذي ترأس المؤسسة ) على حفظ حقوق السجناء ليست المادية فحسب بل حفظ الحق المعنوي وإضفاء اعتبار لكيان السجين المضحي بين المجتمع وفي أروقة الدولة .
قد يجدني البعض مغالياً أو مبالغاً في الدفاع عن إدارة المؤسسة لكن كل ما ذكرته موثق وفيه أدلة ووثائق تؤكد صحة المعلومات التي ذكرتها في هذا المقال .
موازنة 3 سنوات
بعد الانفراج البسيط الملحوظ في الوضع المالي الحكومي وقرار مجلس الوزراء بالتصويت على ميزانية ثلاث سنوات ( 2023-2024-2025) شمل المؤسسة (أسوة بوزارات الدولة) تخصيص سقف أعلى نسبياً عما سبق من أعوام ، الأمر الذي دعا المؤسسة لاتخاذ إجراءات وتحضيرات لتوزيع هذه المبالغ بما يناسب الجميع ( رغم إن ذلك شبه مستحيل ) فكلَ منا نحن السجناء يسعى ويتطلع ويتأمل ان يكون له نصيبا طيباً من إجراءات توزيع المنحة التعويضية عن كل يوم ، فمنا من يرى التوزيع حسب الوجبات والآخر حسب المدة الأقل والآخر حسب المدة الأكثر والآخر حسب الأكثر ضرراً .
وتسعى المؤسسة بإدارتها وبهيئة الرأي فيها الى اعتماد آلية تُنصف الجميع بالقدر المستطاع .
خلاصة القول
قبل المطالبة بإقالة إدارة المؤسسة ( مع الإعتراف بنزاهتها من قبل المطالبين ) يجب أن نخوض في تفاصيل من تخصيصات مالية إلى إعادة نظر إلى ملفات الشمول والمصادقة والرفض ، إلى الجهود المبذولة في كل تفصيله كوسام الحرية وغيره من الامتيازات ، فلدى المؤسسة ملفات كاملة بما فيها نصب السجين السياسي وباقي الامتيازات التي يظن البعض بأن المؤسسة تغافلت عن العمل بها أو أهملتها .
أنا أجد ان القيمة الحقيقية لا تتعلق بمقدار الأموال التي يستلمها السجين السياسي فقط ، بل في الجانب المعنوي والاجتماعي والثقافي والفني … القيمة الحقيقية عندما نفخر في كل مكان وزمان بأننا سجناء رأي أحرار .