حين امتلأت الأرض بدم الحسين

0
73

كاظم محمد الكعبي

لعلّك لا تجد في ذاكرة الإسلام كلّها اسمًا إذا جرى على الألسن خنق الحناجر بالعَبرة، وأطلق الدمع من محابسه دون إذن ولا استئذان، كما يفعل ذكر أبي عبد الله الحسين (عليه السلام). ذاك الجبلُ الذي لم تهزمه الريح، لكن نال من شموخه طمعُ طالبي الدنيا، ولهثُ عشّاق الكراسي والسلطان بغير وجه حقّ ولا ذمّة.

لقد أبكى رسولَ الله ﷺ قبل أن يُبكى عليه، إذ أخبره الوحيُ أنَّ ولده هذا سيُذبح ظُلمًا في كربلاء، فكان الحسين عند جدّه شهيدًا حيًّا، يرعاه طفلاً، ويرفع منزلته، ويُعرّف به الأمّة — لعلّها، لو كان فيها بقية من وفاء، تنتصر له أو تذود عنه. ولكنها النفس البشرية الامارة بالسوء الطامعة بالمناصب والاموال اللاهثة وراء السلطة.

قتلوه اكثر من قتلة! قتلوه وهو يرى ولده يُقطع أمام عينيه، وقتلوه حين ذبحوا رضيعَه بين يديه، وقتلوه بأخوته وأصحابه الذين تفرّقوا أجسادًا لكنهم اجتمعوا روحًا حول مبادئه إلى آخر رمق. ومع ذلك ظلَّ، حتى آخر نفسٍ يتردّد في صدره، وفيًّا لرسالة جدّه، موصيًا أخته الصابرة زينب أن تحمل الأمانة، وتشدّ أزر الرسالة، وتبقى صوتًا للحق لا يخشى سوطَ طاغية ولا سطوة ظالم.

وهكذا كانت زينب — جبل الصبر وسرّ الشجاعة — تنطق بالحق في حضرة المتجبّرين، لا يثنيها رهبةُ السيوف ولا سطوةُ العروش. فضحت ظلمهم وأسمعت الدنيا كلّها صوت المظلوميّة التي لا تموت، ليسخط من يسخط، ولينتصر لها من أراد الله له أن يكون حرًّا.

السلام على الحسين الشهيد المقتول

السلام على زينب، جبل الصبر وصوت كربلاء الصادح

السلام على كلّ ثائرٍ في وجه الظلم والانحراف والفساد، أينما كان، ورحمة الله وبركاته …

ترك الرد

Please enter your comment!
Please enter your name here